fbpx

هوية الله

اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ

سورة البقرة – الآية 255

مبتدأ وخبر والمعنى أنه المستحق للعبادة لا غيره . وللنحاة خلاف في أنه هل يضمر للأخير مثل في الوجود أو يصح أن يوجد . { الحي } الذي يصح أن يعلم ويقدر وكل ما يصح له فهو واجب لا يزول لامتناعه عن القوة والإِمكان . { القيوم } الدائم القيام بتدبير الخلق وحفظه فيعول من قام بالأمر إذا حفظه ، وقرىء «القيام» و «القيم» . { لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ } السنة فتور يتقدم النوم قال ابن الرقاع 
وَسَنانٌ أَقْصَدَهُ النَّعَاسُ فَرَنَّقَت … في عَيْنِهِ سِنَةٌ وَلَيسَ بِنَائِمٍ
والنوم حال تعرض للحيوان من استرخاء أعصاب الدماغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة ، بحيث تقف الحواس الظاهرة عن الإحساس رأساً ، وتقديم السنة عليه وقياس المبالغة عكسه على ترتيب الوجود ، والجملة نفي للتشبيه وتأكيد لكونه حياً قيوماً ، فإن من أخذه نعاس أو نوم كان موؤف الحياة قاصراً في الحفظ والتدبير ، ولذلك ترك العاطف فيه وفي الجمل التي بعده . { لَّهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض } تقرير لقيوميتَّه واحتجاج به على تفرده في الألوهية ، والمراد بما فيهما داخلاً في حقيقتهما أو خارجاً عنهما متمكناً فيهما فهو أبلغ من قوله : { لَهُ السموات والأرض وَمَا فِيهِنَّ } ، { مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } بيان لكبرياء شأنه سبحانه وتعالى ، وأنه لا أحد يساويه أو يدانيه يستقل بأن يدفع ما يريده شفاعة واستكانة فضلاً عن أن يعاوقه عناداً أو مناصبة أي مخاصمة . { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } ما قبلهم وما بعدهم ، أو بالعكس لأنك مستقبل المستقبل ومستدبر الماضي ، أو أمور الدنيا وأمور الآخرة ، أو عكسه ، أو ما يحسونه وما يعقلونه ، أو ما يدركونه وما لا يدركونه ، والضمير لما في السموات والأرض ، لأن فيهما العقلاء ، أو لما دل عليه من ذا من الملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام . { وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْء مّنْ عِلْمِهِ } من معلوماته . { إِلاَّ بِمَا شَاء } أن يعلموه ، وعطفه على ما قبله لأن مجموعهما يدل على تفرده بالعلم الذاتي التام الدال على وحدانيته سبحانه وتعالى . { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السموات والأرض } تصوير لعظمته وتمثيل مجرد كقوله تعالى : { وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ } { والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة والسماوات مطويات بِيَمِينِهِ } ولا كرسي في الحقيقة ، ولا قاعد . وقيل كرسيه مجاز عن علمه أو ملكه ، مأخوذ من كرسي العالم والملك . وقيل جسم بين يدي العرش ولذلك سمي كرسياً محيط بالسموات السبع ، لقوله عليه الصلاة والسلام ” ما السموات السبع والأرضون السبع من الكرسي ، إلا كحلقة في فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة ” ولعله الفلك المشهور بفلك البروج ، وهو في الأصل اسم لما يقعد عليه ولا يفضل عن مقعد القاعد ، وكأنه منسوب إلى الكرسي وهو الملبد 

 

هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

القرآن الكريم – سورة الحشر – الآية 24

المقدر للأشياء على مقتضى حكمته . { البَارِيءُ } الموجد لها بريئاً من التفاوت . { المصور } الموجد لصورها وكيفياتها كما أراد .  ( ومن أراد الإِطناب في شرح هذه الأسماء وأخواتها فعليه بكتابي المسمى بمنتهى المنى ) . { لَهُ الأسماء الحسنى } لأنها دالة على محاسن المعاني . { يُسَبّحُ لَهُ مَا فِى السموات والأرض } لتنزهه عن النقائص كلها . { وَهُوَ العزيز الحكيم } الجامع للكمالات بأسرها فإنها راجعة إلى الكمال في القدرة والعلم 
عن النبي صلى الله عليه وسلم ” من قرأ سورة الحشر غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر

 

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) 

القرآن الكريم – سورة الإخلاص

مختلف فيها ، وآيها أربع آيات بسم الله الرحمن الرحيم
{ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ } الضمير للشأن كقولك : هو زيد منطلق وارتفاعه بالإِبتداء وخبره الجملة ولا حاجة إلى العائد لأنها هي هو ، أو لما سُئِلَ عنهُ صلى الله عليه وسلم أي الذي سألتموني عنه هو الله ، إذ ” روي أن قريشاً قالوا : يا محمد صف لنا ربك الذي تدعونا إليه فنزلت ” واحد بدل أو خبر ثان يدل على مجامع صفات الجلال كما دل الله على جميع صفات الكمال إذا الواحد الحقيقي ما يكون منزه الذات عن أنحاء التركيب والتعدد ، وما يستلزم أحدهما كالجسمية والتحيز والمشاركة في الحقيقة وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامة المقتضية للألوهية وقرىء «هو الله» بلا { قُلْ } مع الاتفاق على أنه لا بد منه في { قُلْ يا أَيُّهَا الكافرون } ، ولا يجوز في «تبت» ، ولعل ذاك لأن سورة «الكافرون» مشاقة الرسول أو موادعته لهم و «تبت» معاتبة عمه فلا يناسب أن تكون منه ، وأما هذا فتوحيد يقول به تارة ويؤمر بأن يدعو إليه أخرى 
{ الله الصمد } السيد المصمود إليه في الحوائج من صمد إليه إذا قصد ، وهو الموصوف به على الإِطلاق فإنه يستغني عن غيره مطلقاً ، وكل ما عداه محتاج إليه في جميع جهاته ، وتعريفه لعلمهم بصمديته بخلاف أحديته وتكرير لفظة { الله } للإشعار بأن من لم يتصف به لم يستحق الألوهية ، وإخلاء الجملة عن العاطف لأنها كالنتيجة للأولى أو الدليل عليها .
{ لَمْ يَلِدْ } لأنه لم يجانس ولم يفتقر إلى ما يعينه أو يخلف عنه لامتناع الحاجة والفناء عليه ، ولعل الاقتصاد على لفظ الماضي لوروده رداً على من قال الملائكة بنات الله ، أو المسيح ابن الله أو ليطابق قوله : { وَلَمْ يُولَدْ } وذلك لأنه لا يفتقر إلى شيء ولا يسبقه عدم .
{ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } أي ولم يكن أحد يكافئه أو يماثله من صاحبة أو غيرها ، وكان أصله أن يؤخر الظرف لأنه صلة { كُفُواً } لكن لما كان المقصود نفي المكافأة عن ذاته تعالى قدم تقديماً للأهم ، ويجوز أن يكون حالاً من المستكن في { كُفُواً } أو خبراً ، ويكون { كُفُواً } حالاً من { أَحَدٌ } ، ولعل ربط الجمل الثلاث بالعطف لأن المراد منها نفي أقسام المكافأة فهي كجملة واحدة منبهة عليها بالجمل ، وقرأ حمزة ويعقوب ونافع في رواية «كُفْواً» بالتخفيف ، وحفص { كُفُواً } بالحركة وقلب الهمزة واواً ، ولاشتمال هذه السور مع قصرها على جميع المعارف الإلهية والرد على من ألحد فيها ، ” جاء في الحديث أنها تعدل ثلث القرآن ” فإن مقاصده محصورة في بيان العقائد والأحكام والقصص ومن عدلها بكله اعتبر المقصود بالذات من ذلك 
وعنه صلى الله عليه وسلم ،  أنه سمع رجلاً يقرؤها فقال : «وجبت»  قيل : يا رسول الله وما وجبت قال :  وجبت له الجنة 

 

بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ

سورة البقرة – الآية 117

مبدعهما ، ونظيره السميع في قوله 
أمِنْ ريحانة الداعي السَّميع … يُؤرِّقُني وأصْحابي هُجُوعُ
أو بديع سمواته وأرضه ، من بدع فهو بديع ، وهو حجة رابعة . وتقريرها أن الوالد عنصر الولد المنفعل بانفصال مادته عنه ، والله سبحانه وتعالى مبدع الأشياء كلها ، فاعل على الإطلاق ، منزه عن الانفعال ، فلا يكون والداً . والإبداع : اختراع الشيء لا عن الشيء دفعة ، وهو أليق بهذا الموضوع من الصنع الذي هو : تركيب الصور لا بالعنصر ، والتكوين الذي يكون بتغيير وفي زمان غالباً . وقرىء بديع مجروراً على البدل من الضمير في له . وبديع منصوباً على المدح 
{ وَإِذَا قضى أَمْرًا } أي أراد شيئاً ، وأصل القضاء إتمام الشيء قوة كقوله تعالى : { وقضى رَبُّكَ } أو فعلاً كقوله تعالى : { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سموات } وأطلق على تعلق الإِرادة الإِلهية بوجود الشيء من حيث إنه يوجبه . { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } من كان التامة بمعنى أحدث فيحدث ، وليس المراد به حقيقة أمر وامتثال ، بل تمثيل حصول ما تعلقت به إرادته بلا مهلة بطاعة المأمور المطيع بلا توقف . وفيه تقرير لمعنى الإِبداع ، وإيماء إلى حجة خامسة وهي : أن اتخاذ الولد مما يكون بأطوار ومهلة ، وفعله تعالى مستغن عن ذلك . وقرأ ابن عامر { فَيَكُونَ } بفتح النون . واعلم أن السبب في هذه الضلالة ، أن أرباب الشرائع المتقدمة كانوا يطلقون الأب على الله تعالى باعتبار أنه السبب الأول ، حتى قالوا إن الأب هو الرب الأصغر ، والله سبحانه وتعالى هو الرب الأكبر ، ثم ظنت الجهلة منهم أن المراد به معنى الولادة ، فاعتقدوا ذلك تقليداً ، ولذلك كُفِّرَ قائله ومنع منه مطلقاً حسماً لمادة الفساد